الخميس، 27 مايو 2010

الأقاليم في المناهج الكميّة

يسعى الجغرافيّون إلى تنظيم معلوماتهم حسب قواعد أساسية يضبطها الإقليم الذي يعدّ الفكرة السائدة والوجهة الأكثر إقناعا في هذا الموضوع، تسهيلا للإدراك، وحصر الحقائق، وكشف العلاقات بين المظاهر المختلفة والعناصر المتنوّعة للمركّب الجغرافي: عمراني، طبيعي، حيوي، اقتصادي.... وأول ما يتبادر إلى الذهن في الدراسات الإقليميّة هو تعريف الإقليم أو مفهومه الذي يختلف بإختلاف الباحثين وأبحاثهم. إذ ليس من السهل الإتيان بتعريف شامل ومحدّد يحصر هذا المصطلح الجغرافي الذي يعرّفه البعض بالجزء من سطح الأرض المتفرّد والمنسجم. ومنهم من يعرّفه بالوحدة المظهريّة التي تتشكّل من عناصر متكاملة ذات خصائص متشابهة، وكلّما ازداد التشابه بين هذه العناصر، قلّت الفوارق وازداد الإقليم إنسجاما، وتجلّت حدوده، ويزداد الإلتباس في تعريف الإقليم بإختلاف المعايير والقواعد الأساسيّة المتخذة في التصنيف. إذ هناك من يتّخذ من المعيار الواحد أساسا للتصنيف، وهذا المعيار قد يكون المؤشّر الجغرافي كمؤشّر الكثافة البشريّة، تبعثر السكّان، السكن الريفي، أشكال التركّز في الجغرافية الريفيّة، أو مؤشّر الشيخوخة في الدراسات الديموغرافية، أو مؤشّر الملامسة في المورفولوجية، أو مؤشّر الصرف المائي في الهيدروغرافية، أو مؤشّر الجفاف في المناخ الخ.... وما أكثر هذه المؤشّرات التي لاتخرج عن كونها قيمة نسبيّة بين البسط والمقام قد يؤدي تغيّرهما إلى الحصول على نفس النسبة، من هنا كان أحيانا التظليل في التصنيف بالاعتماد على هذه المؤشّرات مثال لهذا: مؤشّر نسبة3\12) = (4 هو نفس المؤشّر 6\24)= (4 مع الإختلاف فقط في قيم البسط والمقام. وقد يكون التصنيف الإقليمي مبنيّا على أساس متغيّر واحد كمّي أو وصفي كعنصر واحد من المناخ أو التضاريس أو الغطاء النباتي.... ومنهم من يعتمد في التصنيف الإقليمي على أكثر من معيار واحد، وأبسطها إدخال معيارين، وفي هذه الحالة يمكن الجمع بين المعيارين في مستوى كارتيزي، فيه يظهر مدى الإنسجام والإرتباط لتوزيع الظواهر، فمثلا قد نجمع في الغالب ملاحظات أو معلومات كثيرة لخصائص ظاهرتين ثمّ نتساءل كيف ننظّم هذه المعطيات، أو كيف نصنّفها حتى تظهر في شكل وحدات متميّزة وأقاليم متباينة؟ ولنضرب لذلك مثلا بجمعنا لعشر ملاحظات لتساقط الأمطار وما يقابلها من مردود زراعي لمنطقة واسعة من المناطق الزراعية كما في الجدول التالي:قد يصعب علينا أثناء مراجعتنا لجدول هذه الملاحظات كشف الإتجاه العامّ للتشابه وضبط العلاقة بين كميّة الأمطار وكميّة المردود، حيث يظهر لنا في بعض الأحيان أنّ الأمطار القليلة يصاحبها مردود ضعيف، والعكس في حالات أخرى، ثمّ نتساءل مرّة أخرى ألا يمكن بالاعتماد على هذه المعطيات الخروج بتصنيف الأقاليم الزراعية لهذه المنطقة وكشف عوامل أخرى تفسر لنا هذه التناقضات الظاهرة بين المتغيّرات؟ الجواب، نعم. يمكننا ذلك برسم وتمثيل تلك الملاحظات في شكل إحداثيات رأسية وأخرى أفقية كما هو موضّح في الشكل الآتي:إذ يتّضح من هذا الشكل أنّ الملاحظات تتجمّع في مجموعتين (6، 5، 3، 4، 10)، (1، 2، 7، 8، 9)، وأنّ العلاقة بين المتغيّرات في كلّ مجموعة تكاد تكون منتظمة وأنّ الفوارق بين أفراد المجموعة الواحدة أقل من الفوارق بين أي فرد من هذه المجموعة وفرد آخر من المجموعة الأخرى. وبهذا يسهل رسم الحدود بين المجموعتين على الخريطة الأصليّة في شكل إقليمين، وقد يكشف لنا هذا الرسم عوامل أخرى قد تدخّلت في وجود هذا التمييز بين الإقليمين، وربّما كان لعامل التربة أثره الواضح في هذا الإختلاف في العلاقة بين التساقط والمردود. وحسب هذا المثال فإنّ فكرة الأقلمة(la régionalisation) أو التصنيف إلى أقاليم ترتكز على مدى الفوارق بين الملاحظات، فكلّما كانت ضعيفة زاد التقارب وضعف الإختلاف بين مميّزات عناصر الإقليم الواحد، بحيث أنّ كلّ عنصر يكون قريبا في مميّزاته من مميّزات عناصر إقليمه، والعكس صحيح إذا ما قورنت بمميّزات عناصر إقليم آخر. لكن في أغلب الأحيان لاتكن هذه التجمّعات واضحة، وقد لاتظهر في شكل سحابة من النقط كما في الشكل السابق، وقد لايمكن تمثيلها في شكل إحداثيّات رأسيّة وأخرى أفقيّة إذا ما تجاوزت هذه المتغيّرات أكثر من ظاهرتين إثنتين. ففي هذه الحالة يمكن تصنيف الظواهر إلى أقاليم بالاعتماد لا على الشكل ولكن على مايعرف بالطرق الإحصائيّة للأبعاد(statistique de distance) والدراسة الرياضيّة، أو الألقوريتمات الملائمة جدّا لحلّ المشاكل الجغرافيّة، ومن هذه الطرق نذكر تلك المعروفة بالتحليل التجميعي (analyse de groupement) أو ما يسمّى أيضا بالتحليل العنقدي(cluster analysis)وطريقة التحليل التبايني، وطريقة توزيع كاي المربّع، وهناك طرق أخرى كثيرة ومتنوّعة قد استعملت في تحديد الإقليم بالاعتماد على المناهج الوصفيّة، والغراف، والأشكال الهندسيّة، كما فعل بوق(Bogue) لبنية التجمّعات المتروبولتنية لعدد (67)مركزا عمرانيا بالولايات المتحدة استمدّها واستعارها من مضلّعات تيسن(polygones de Thiessen) المستعمل في تصنيف الأحواض النهريّة وحساب كميّة التساقط، أما ناستن وداسي(Dacey وNystuen) فقد أوضحا كيفيّة استعمال الغراف لتحديد البنية الإقليميّة للمدن اعتمادا على مصفّف التيار لمجموعة من المدن في مقالتهما المنشورة في(Regional Science Association) لسنة(1961) ص:(29ـ42). تحت عنوان شرح نظريّة الغراف الإقليمي. وخلاصة القول أنّ اختلاف الأشياء يستدعي التصنيف لضبطها وفحصها واستخلاص فرضيّاتها ووضع قوانينها. وأنّ لهذا التصنيف مناهج كثيرة ومتنوّعة بتنوّع الباحثين، ويتوقّف النجاح فيه على مستويين: 1ـ إنتقاء المعطيات. 2ـ اختيار المنهجيّة. فالمعطيات هي معلومات عن حالات الأشياء المختلفة من أفراد أو عناصر أو كلّ الوحدات التي تعدّ في النظرة الجغرافية أماكن. ومن الأفضل أن تكون هذه الأشياء منسجمة. ثمّ يأتي دور اختيار المتغيّرات أي وحدات القياس التي تميّز هذه الأشياء، وهو اختيار أساسي حيث تبنى عليه معايير التصنيف ومناهجه القائمة على مدى التشابه بين الأشياء. فمناهج التصنيف ليست مختلفة بإختلاف الباحثين فقط كما ذكرنا سابقا، ولكن أيضا باختلاف الأشياء والأهداف المقصودة من هذا التصنيف، وأيضا بإختلاف التخصّصات: بيولوجيّة، علم النفس، علم الإجتماع... وفي هذا التنوّع فائدة للباحث الجغرافي الذي يجب عليه أن يختار ما يلائم بحثه ويميّز تخصّصه في هذا المجال من البحث العلمي الواسع. ويمكن حصر توجيهات الباحث الجغرافي في مرحلتين: 1ـ مرحلة التوفيق في تحديد مقياس التشابه بين الأفراد(individus) المدروسة، ذلك انّ تجميع الأفراد المتشابهة في مجموعة واحدة تتطلّب بالضرورة قياس هذا التشابه، ويمكن اختصار مقاييس التشابه في مقاييس الأبعاد(distances) ومعامل التجمّع أو المشاركة (coefficient d'association) ثمّ معامل الترابط(coefficient de correlation). 2ـ مرحلة التوفيق في مناهج التجميع أي التصنيف للأفراد على أساس مقياس التشابه المختار. وقد إختصرها البعض في مناهج التدرّج(methodes hierarchiques) ومناهج السبر والاستكشاف(methodes exploratoires). وسنقتصر في موضوعنا هذا على شرح البعض من مقاييس التشابه المتمثّلة في الأبعاد، والتباين، والإرتباط. الإقليم بتحليل المسافات(Distances): ممّا يلاحظ على التحليلات الإحصائيّة أنّها كثيرا ما أبرزت الظواهر الجغرافيّة وكانّها متصلة ببعضها في شكل حلقات يمكن التعبير عنها بالمسافات، التي ماهي في الواقع إلاّ فوارق حسابيّة، لهذا انطلقت تقنيّات التحليل التجميعي(lainkages) من نظرية المسافات المعروفة في علم الرياضيات بنظرية فيتاغورث في أبعاد المثلّث، حيث يمكننا حساب المسافة بين نقطتين: (أ، ب)، إحداثياتهما: أ(س، ص)، ب(سَ، صَ) للمستوى، بالصيغة التالية: واعتمادا على هذه الصيغة الفيتاغورية فقد استنبط ميكوفسكي(Mikowski) عدة جمل رياضية أو معادلات لحساب واستخراج المسافات بين النقط المعينة أو المتغيرات، يمكن إيجازها في صيغة لمجال أشعة موجهة أبعادها /ن/.بحيث:/كـ/ تكون مساوية أو أكبر من الواحد:كـإذا كانت مساوية لواحد: (كـ=1) تحسب المسافة على طول المحاور العمودية كما في الشكل الآتي : (م=أ+ب) وإذا كانت مساوية لإثنين(كـ=2) فإنّ المسافة تحسب كما يحسب وتر المثلث القائم الزاوية كما في الشكل الآتي: م=(أ2+ب2) 2/1 وهذه المسافة تعرف بالمسافة الإقليدية (distance euclidienne) وهي أكثر شيوعا واستعمالا في في التصنيفات الجغرافية لما لها من مميزات منها: تلاؤمها والمتغيرات الكاردينالية أي الأعداد الأصلية أو الرئيسية الأكثر استعمالا في التحليل المجالي، ثمّ خاصّة لإرتباطها بفكرة التعبير عن التغيرات والتباينات الأكثر إثارة فيما يعرف بالتصنيفات. والمسافة الإقليدية بين مكانين أو متغيرين مرتبطة أشدّ الإرتباط بوحدات القياس المستعملة للمتغيرات، لهذا يجب توحيدها أو تحويلها إلى وحدات منسجمة كلما أمكن ذلك، مثال لهذا لدينا ثلاث متغيرات: (س، ص، ك) لكل متغير ثلاث ملاحظات,

علم تشكل الأرض

هو العلم الذي يدرس الأشكال الأرضية (بالإنجليزية: Landforms‏) والعمليات (بالإنجليزية: processes‏) التي كونتها، اشتقت الكلمة (علم تشكل الأرض Geomorphology) من ثلاث كلمات يونانية هي(الأرض)،(الشكل)،(طريقة للتفكير)، أي أن المقصود من الكلمة هو تحفيز التفكير العلمي حول أشكال سـطح كوكب الأرض بغرض المعرفة العلمية لسمات أشكال الأرض السطحية، حيث تضم الأشكال الأرضية كل من الأنهار والتلال والسهول والشواطئ والكثبان الرملية، وغيرها من الأشكال السطحية المتعددة، وحالياً تضم الدراسات العلمية لتشكل الأرض الأشكال الأرضية تحت قاع البحار والمحيطات، وبتطور علم الفضاء وإمكانية تصوير ورصد ومراقبة مكونات الفضاء الخارجي، أُضيف إليها مجالاً جديداً وهو دراسة أسطح الكواكب مثل المريخ والقمر والزهرة وغيرها من الكواكب. يتفاوت المدى المجالي لدراسة الأشكال الأرضية ما بين أشكال سطحية بسيطة ومحدودة الامتداد إلى أشكال واسعة وأكثر تعقيداً كالسلاسل الجبلية، وهي أشكال أرضية متفاوتة الأعمار حيث تتراوح فترات تشكلها (أعمارها) ما بين أيام إلى ملايين السنين. إن المجال الرئيسي للدراسات العلمية لتشكل الأرض، يتضمن كل من الأشكال السطحية والعمليات المكونة لها على امتداد المقياس الزمني، حيث يمكن من خلال دراستنا لأشكال السطح أن نستنبط طبيعة العمليات التي سادت وأدت إلى تكونها، بينما نستنبط من طبيعة العمليات السائدة حالياً، الأشكال المتوقع تشكلها لاحقاً. بما أن مجال اهتمام علم تشكل الأرض يتركز بالسطح وما يشمله من أشكال وعمليات طبيعية، ولطبيعة التفاعل بين كل من سطح الكرة الأرضية والبيئة المحيطة بها، ومنها الغلاف الجوي والغلاف المائي والغلاف الحيوي والغلاق الصخري، فان ذلك جعل لعلم تشكل الأرض علاقات وثيقة الصلة بالعلوم الأخرى، وتفاعلت معها، واستفادت من تطور مجالاتها، وقدمت ما لديها من إمكانيات لتخصصات علمية ذات صلة بمجالها. تطوّر مصطلح "علم تشكل الأرض" تاريخيا، حيث دلّ في الفترة ما بين العام 1870م والعام 1880م عن وصف أشكال سطح الأرض، واستخدم التعريف في دراسات "أصل الأشكال الطبوغرافية". وتبنى علم تشكل الأرض الحالي مهمة البحث في العلاقة بين الأشكال الأرضية والعمليات التشكيلية التي أوجدتها، بينما اهتم علم تشكل الأرض الوظيفي بدراسة العلاقة بين العمليات الجيومورفولوجية والعوامل المؤثرة والمتأثرة بها. نتيجة التوسع الحالي للأنشطة البشرية، تداخل التأثير المتبادل بين كل من اشكال السطح والعمليات التشكيلية للأرض من جهة، والأنشطة البشرية، إلى توسع مجال علم تشكل الأرض التطبيقي، وبصورة خاصة في مجال الأخطار التشكيلية الناتجة من الأشكال الأرضية والعمليات التشكيلية للأرض. اغلب الأشكال الأرضية ذات تاريخ زمني طويل قد يمتد لعشرات الملايين من السنين، ونتاج لعمليات أوجدتها شروط بيئية مغايرة للشروط الحالية، وكثيرا منها أشكال خاملة في وقتنا الحالي، الا انها ذات بعد تاريخي هام، وخاصة في معرفة طبيعة البيئات التشكيلية للأرض قديماً، ولعلماء تشكل الأرض التاريخيين اهتمام خاص بهذا الاتجاه. حديثا، اهتم علم تشكل الأرض في دراسته بالأشكال الأرضية بمواضيع رئيسية ثلاث، هي الشكل والعملية والتاريخ، حيث اهتم:* علم تشكل الأرض الوظيفي: بدراسة الشكل والعملية.* علم تشكل الأرض التاريخي: دراسة تاريخ الأشكال الأرضية. وكلاهما (الوظيفي، والتاريخي) اتجاهان يسيطران على أغلب الأبحاث الحالية، وخاصة لدى الناطقين باللغة الانجليزية. اتجاهات جيومورفولوجية أخرى ذات حضور في الجيومورفولوجيا، ومنها علم تشكل الأرض البنائي، التي ترى أن العمليات الباطنية، ومنها التراكيب الجيولوجية، مفتاح لفهم الأشكال الأرضية. اهتم عدد من الجيومورفولوجيين، وبصورة خاصة، الفرنسيين والألمان بعلم تشكل الأرض المناخي، التي ترى في المناخ تأثير مهم على الأشكال الأرضية، وآثار واضحة على سمات الأشكال السطحية.

جغرافيا طبيعية

جغرافيا طبيعية الجغرافيا الطبيعية أو الفيزيوجغرافيا هو العلم الذي يدرس الظواهر الطبيعية على سطح الأرض من حيث توزيع اليابس والماء والتضاريس وأشكال السطح والغلاف الجوي والغلاف الحيوي مما لم يتدخل فيه الإنسان. يهدف علم الجغرافيا الطبيعية إلى فهم شكل الأرض وتغيراتها المناخية وخصائص غطائها النباتي والحيواني.[عدل] مجالات الجغرافيا الطبيعية* علم شكل الأرض وهو العلم الذي يدرس أشكال سطح الأرض ونشأتها وتطورها والعوامل التي أثرت فيها.* علم المياه وهو العلم الذي يدرس توزيع المياه ومصادرهاوحركتها وجودتها على سطح الأرض.* علم الجليد هو العلم الذي يدرس توزيع الجليد على سطح الأرض وآثاره عليها.* جغرافيا أحيائية أو حيوية وهي علم توزيع الكائنات الحية جغرافيا.* علم المناخ:هو العلم الذي يدرس حالة الجو من الحرارة والرياح والرطوبة والأمطار لمدة تبدأ من الشهر وقد تصل إلى (33)سنة(دوره مناخية).* علم التربة:هو العلم الذي يدرس الترب وتوزعها الجغرافي وتصنيفها من حيث لونها وخصائصهاومنشئها.* علم الصخور.* علم دراسة الشواطئ.* علم الجيوديزيا.* علم الجغرافيا القديمة وهو العلم الذي يبحث في التطور الجغرافي للأرض خلال الأزمنة الجيولوجية.

الجغرافيا العامة والجغرافيا الإقليمية في المنظور التقليدي

تتنوع الجغرافيا في المواضيع التي تدرسها والطرق التي تنتهجها.

تدرس الجغرافيا جميع المظاهر التي يتصف بها سطح الأرض طبيعية كانت أم بشرية وتنقسم إلى شعبتين أساسيتين متكاملتين اختلافهما قائم على تباين طرق المعالجة والمنهجية. الشعبة الأولى ممثلة في الجغرافيا العامة بكل أنواعها الطبيعية والبشرية والاقتصادية...الخ والثانية هي الجغرافيا الإقليمية. الاختلاف بينهما هو أن الأولى تدرس الأنماط وتبحث عن القوانين المتحكمة فيها في حين أن الثانية تعتني بإبراز المميزات التي ينفرد بها كل منظر وكل مركب إقليمي. تحلل الجغرافيا العامة العلاقات والارتباطات لأنها تضع كل عنصر في قالبه العام خلال الدراسة, غير أنها لا تقارن أي ظاهرة إلا بظاهرة مماثلة لها تذكر تحت نفس العنوان, بينما تختص الجغرافيا الإقليمية بالبحث عن العلاقات والارتباطات التي تصل بين الظواهر القائمة في الإقليم الواحد وتقارن بينها رغم التباين في طبيعتها وأنماطها ويكون هذا لإبراز الانفراد الذي يتميز به الإقليم مع الأقاليم الأخرى. الجغرافيا الإقليمية هي البحث التركيبي لقطعة من مجال الأرض, ومهمتها ليست بوضع كشف عام لمكونات هذه القطعة بل مهمتها هي البحث عن الطريقة التي نظم بها هذا المجال وكيفية استغلال الإنسان له. الإقليم : يطلق اسم إقليم على مجال من الأرض ينفرد ببعض المزايا والمقومات تجعله وحدة متكاملة وتميزه عما يجاوره من مجالات ويمتد بنفس الدرجة التي تمتد بها هذه الخصائص وهذه المميزات مع العلم أن مفهوم الإقليم نسبي واجتهادي إن لم نقل ذاتي. نسبي إذا أخذنا بعين الاعتبار أنه لا يوجد على سطح الأرض منطقة تتشابه في كل مقوماتها مع منطقة أخرى مهما صغر حجمها واجتهادي ذلك لأن الفرد هو الذي يقوم شخصيا بتحديد الإقليم عادة حسب ما يتراءى له من خصائص يقوم عليها هذا التحديد وبقدر تنوع الأسس التحديدية بقدر تنوع الأقاليم نفسها. تتغير الأسس التحديدية إما حسب المكان أو الهدف المرسوم للتحديد الإقليمي إذا وضع التحديد من أجل استغلاله في تصميم مخطط تنمية مثلا فعناصر الاستقطاب المدني أو درجة التطور الاقتصادي أو التقسيم الإداري الذي سيكون الإطار التنفيذي للمخطط هي التي ستتحكم في تعريف الإقليم وكذلك يلعب اتساع الفضاء المدروس دورا هاما في تحديد نظرة الباحث إلى المقومات لأن المقياس المستعمل في وضع البحث يختلف مع اختلاف درجة الاتساع فتدرس الوحدات الشاسعة بمقياس صغير والوحدات الضيقة بمقياس كبير والأمر الذي يكون هاما في المقياس الكبير قد لا يصبح كذلك إذا صغر المقياس. فالمقومات التي يستعملها الدارس في تحديد الدراسة الإقليمية لا تتغير مع تغير طبيعة الشيء فقط بل كذلك حسب زاوية النظر التي يختارها ومقياس الدراسة الذي يضعه. و ذكرنا في التعريف أن حدود الإقليم خاضعة للمضمون الذي تحتوي عليه فيجب إذا تحليل هذا المضمون أولا حتى يسهل توقيع حدودا دقيقة تبعا لعناصر الاختلاف أو التشابه. يمكن لكلمة إقليم أن تشير إلى مركب متجانس تكون فيه العلاقات بين مختلف العناصر المكونة له واحدة أو تشير إلى مجموعة من مركبات متجانسة صغيرة تكون الفروق بينها داخل المجموعة أقل من تلك التي تفصلها عما حولها فتكون إقليما متميزا له صبغة إجمالية واحدة تبرزه وسط مجموعات أخرى. و يمكن للإقليم أيضا أن يكون مجموعة منظمة تحت تحكم مركز عمراني يجمع بين وحداتها حتى ولو اختلفت اختلافا كبيرا.

الإقليم إذا عبارة عن مركب ودراسته تخضع للبحث التركيبي فيبدأ أولا بتحديد عناصر المركب ثم نوضح العلاقات الكامنة بين هذه العناصر أي أنه يجب الإطلاع على مقومات الإقليم واحدة واحدة ثم إدراك كيفية تأثير كل منها على الآخر.

مجالات البحث الجغرافي

حتى تكون الجغرافيا قادرة على تشخيص المشاكل التي تنحصر في إقليم ما، فإنها تقوم بتحديد المجال، وتشرح العلاقات القائمة بين مختلف العناصر الطبيعية والبشرية مهما تداخلت فيما بينها. و نتيجة لذلك تعتبر الجغرافيا ذات خاصية متميزة إذ نجدها تضع قدما في العلوم الطبيعية وقدما في العلوم البشرية. فإذا كانت التصنيفات الحديثة لمواقع العلوم المختلفة قد تمت سنة 1972 وقسمتها إلي ثلاث فئات هي: العلوم التحليلية التجريبية، والعلوم التفسيرية التأويلية والعلوم النقدية فالجغرافيا من بين العلوم التي تمتلك خواص كل هذه الفئات. فدراسة المجال الجغرافي تؤكد وجود مكونات كثيرة طبيعية وبشرية مترابطة تتميز بتفاعلات كثيرة تحصل بين هذه المكونات. وهو ما يجعل دور عالم الجغرافيا فيها حساسا ومهما ولذلك نجد دراسة المجال الجغرافي لا تقتصر على موضوع في حد ذاته أو على ظاهرة دون الأخرى ومع أن المجال الجغرافي يشمل كل الظواهر مجتمعة، فإن دراسة هذه الظواهر تبحث منفصلة مع قياس درجات التفاعل والتعليل والتحليل دون إهمال أي عنصر من عناصر المجال. و نظرا لأهمية المجال الجغرافي أقرت اليونسكو منهجية تدريسه في أوروبا على تلامذة المستوى الابتدائي في حالته التطبيقية اعتمادا على فهم أو إدراك خمسة أسئلة كما هو موضح فيما يلي: المجال المنتج: إن مجرد اقتراحنا للتلاميذ الاستفسار عن الخطوات التي تتعلق بمفهوم المجال المنتج يعتبر مسلكا نحو إدراك الواقع أي الانتباه إلى أن كل مجال ما هو إلا حالة من أحوال الحركية (أي أنه في حالة إنتاج) وبالتالي هو نتاج لقرارات بشرية (تأثير التدخل البشري)...

أهمية علم الجغرافيا

إن الجغرافيا لم تعد ذلك العلم الذي يهتم بوصف الظواهر وصفا سطحيا بعيدا عن الواقع بل أصبحت ذلك التخصص الذي يتماشى والتطور العلمي الحديث المعتمد على التحليل والقياس والربط واستخدام النماذج والنظريات الحديثة وبذلك صارت في الاتجاه التطبيقي الذي يعرف اليوم بالجغرافيا الكمية والجغرافيا التطبيقية التي ترفض أن تستمر بعيدا عن الإنشغالات الكبرى للإنسان وذلك لما تمتاز به الجغرافيا من قدرة على التأقلم مع مختلف العلوم فهي تمثل همزة وصل متينة بين هذه العلوم وهي تسخرها جميعا لخدمتها وتأخذ منها ما يخدمها ويميزها عن غيرها وقد شهدت السنوات الأخيرة تحولات كبيرة في المنهج الجغرافي والمحتوى العلمي وكذلك في الأساليب التي يعتمد عليها في تحقيق الأهداف والأغراض، ولعل من أسباب هذه التحولات أيضا ما طرأ على المحتوى البشري من تطور كبير حيث أصبح الجغرافيون يعالجون مواضيع لم تكن بالأمس معروفة حتى وكأن المتتبع لأعمال الجغرافيين يلمس ذلك الاهتمام المتزايد بالتركيز على دراسة الظواهر والمواضيع الطبيعية والبشرية المختلفة بطريقة تختلف عما كانت عليه في الماضي بفضل استخدامهم للوسائل الكمية المتقدمة في أبحاثهم استعانة بالإحصاء والإعلام الآلي والرياضيات والنماذج والهندسة والطبيعة والكيمياء، وكان لذلك التطور في استخدام مثل هذه الوسائل نتائج هامة أسفرت عن دفع عجلة الجغرافيا وجعلها علما يتماشى وعصر التكنولوجيا ،حتى أطلق البعض على هذا التحول في استخدام الوسائل والمناهج مصطلح (الثورة الكمية في الجغرافيا)، وهذه الثورة لقيت ترحيبا كبيرا من الجغرافيين لأن للمنهج الكمي مزاياه كثيرة ولعلى أبرزها وأهمها أن النتائج التي يمكن التوصل إليها تكون أكثر دقة بفضل التحليل العلمي لتسلسل الأحداث وهذا التحليل العلمي الجغرافي يبرز النظم التي أثرت في وجود الظواهر المختلفة التي يتعرض لها الجغرافي بالدراسة، فهو لا يكتفي بالوصف بقدر ما يعتمد على الأسباب التي أنشأت هذه الظواهر.

جغرافيا

الجغرافيا هو علم يدرس الأرض والظواهر الطبيعية والبشرية عليها، ويعود أصل الكلمة إلى اللغة الإغريقية، ترجمتها بالعربية "وصف الأرض".فلفظ الجغرافيا Geography لفظ إغريقي هو في الأصل geographica، مؤلف من شقين: أولها Geo ويعني الأرض، وثانيهما Graphica ويعني الوصف أو الصورة.وعلى هذا الأساس فالجغرافيا هي "وصف الأرض " وقد كانت كذلك في بدايتها حيث كان الرحالة يصفون ويسجلون مشاهداتهم عن البلاد والأقاليم التي يزورونها.وكلمة الجغرافية في اللغة العربية تعتبر حديثة بعض الشئ، حيث كان العرب والمسلمون يستعملون صورة الأرض أو قطع الأرض أو خريطة العالم والأقاليم أو المسالك والممالك أو تقويم البلدان أو علم الطرق.اتفق على تقسيم علم الجغرافيا عبر العصور إلى الأقسام التالية وهي:* الجغرافيا الطبيعية وهي التي تهتم بدراسة طبيعة الأرض من حيث البنية الجيولوجية والظواهر الجوية والنبات والحيوان الطبيعي أو البري. ومنها أيضاً الجغرافيا الفلكية وتهتم بدراسة شكل الأرض وحجمها وحركتها وكرويتها وعلاقاتها بالكواكب الأخرى.* الجغرافيا البشرية وتنقسم إلى جغرافية السكان والجغرافيا الاقتصادية والجغرافيا السياسية وتبحث في أقطار الأرض وحدودها السياسية ومشكلاتها وسكانها* علم الخرائط: وهو علم يهتم بالخرائط وطرق إنشاءها* وأخيراً انضم فرع جديد هو نظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد.